نعناع الريح .......

يا نعناع الريح ومسك الختام ..

ياغاوي الروح ومحراب الغرام .. يا منفى الهاربين من الصخب والضجر ..

يا صحوتي وفرحتي ومنبتي وجنتي .

كأنني أتدلّى من حبل الشوق على مرجل الوقت .

كأنني منحوتة على جبل الخيال فارسة تمتطي صهوة السؤال .

كأنني نايّ معلق على جدار الإنتظار .

وحده خيالك يفاوضني على عمري ويختبر عزيمتي ويتحدّى إرادتي .

ولقد قررت ان أبدأ من هاوية الحصار واستقر عند مفترق الأودية .

قررت أن أتوجه إلى الصحراء ..

وأتعلم من البدو قص الأثر كي أتتبعك .

وأن أتعلم الغوص وتسلق الجبال كي أبحث عنك .

سأعمل جاسوسة .. سأشتري منطادا" وسأملأه بالهيدروجين لعشرين سنة .

سأجري ليل نهار لتزداد لياقتي وأشارك في أولمبياد البحث عنك .

سأشحذ سمعي لعلّني اسمع وقع خطاك أو تردد أنفاسك .

سأصبح قائدة شرطة وأعمم بالبحث عنك .

سأعلن عنك في وسائل الإعلام .

سأتنازل عن كافة حقوقي لك .. وسأوصي لك بكل ما أملك .

سأحافظ على صحتي وسأمتنع عن كل ما من شأنه أن يضرّ بها حتى أراك وأنا سليمة معافية .. ولو كان الأمر بيدي لأطلت عمري قليلا".

ولو استطعت لأجّلت رحيلي عن الدنيا قليلا".

فربما كان موعد اللقاء بعد الرحيل .

لقد تعلمت منك الكثير .. تعلمت الإقدام والمثابرة وعدم الركود .. والركون والقنوط والإتكال واليأس .

لقد غيّرني حبك وهذب من طباعي .

كنت الخالية .. وأصبحت العاشقة !

كنت بلا هدف .. وأصبحت بأنبل هدف !

اصبحت أرضا" محتلة إحتلالا" رومانسيا" أنيقة رشيقة !

أصبحت حرة وسعيدة بإحتلالك !

لأول مرة في تاريخ البشرية يحارب إنسان من أجل الإبقاء على المحتل .

لأول مرة هناك من يتفق مع المحتل على كل الأمور .. ما عدا أمر رحيله .

أنا أكره الإستقلال .

إذا أنسحبت .. سأنتحر !

ستقوم حرب أهلية في ضميري وأعصابي !

لقد أصبحت متماسكة وقوية وجذابة بإحتلالك !

اصبحت أقف أمام المرآة طويلا".. لأنني أراك فيها !

أصبحت أتمتع بالنظر إلى شكلي فيك !

أصبحت ألبس أفخم الملابس وأختار ألواني وعطوري بعناية فائقة .. لعلني أراك !

أو لعلّك تراني من بعيد .

ولأنك مجهول الجنسية .. فأنا أغير أزيائي كل يوم !

اصبحت ألبس من كل العالم ..!

اصبحت استغرق فيك حتى الطوفان وأتعمق حتى الشهقة الأخيرة ..!

لا أستطيع أن أمنع نفسي عنك وأقبل نحوك .. فلا أجدك .. وأجدك ..!

وحين تكبر الحيرة أتقمص شخصيتك وأحاول الهروب منك .. أقصد مني .. فلا أستطيع ..!

حاولت ذلك مرارا".. وآخرها الأسبوع الماضي .

حاولت بشتى الطرق فلم أنجح !

أختبأت في دولاب الملابس وخلف الحيطان والأسوار والأشجار والأشعار وتحت الكراسي .. فلم أفلح ..!

أختبأت داخل عقلي .. فكشفني تفكيري فيك ..!

أختبأت في عروقي .. فكشفني دمك الذي يسري فيها ..!

لقد تأذّى الجيران مني ..!

أوقظهم كل ليلة حين أرفع صوتي .. تارة بالغناء عليك .. وتارة بالدعاء لك ..!

أنت حاضر في كل الأوقات والحالات .. أفتح نور الغرفة فأراك بشكل أوضح .!

أطل من شبابيك الدار فأرى وجهك يطل من السراب .!

اسمع صوتك في الطابق السفلي .. وعندما أنزل لأتحدث معك اسمع صوتك في الطابق العلوي .!

وأسمع صوتك حين أقود السيارة يقول لي ( يمين )

وما ان أتجه إلى اليمين حتى يقول لي ( يسار ) .

ذات مرة أخذني صوتك إلى منطقة نائية مقطوعة .. وطلب مني إيقاف السيارة .. والنظر إلى الشجرة التي أمامي على بعد خمسين مترا".

رأيتك تقف خلف الجذع وتلوح لي بيدك كي آتي .. وعندما وصلت إليك لم أرك .. ولكن عطرك كان يملأ الآفاق .

أتحدى الريح أن تغيّر مسرى عطرك ..!

وأتحدى الشمس ان تطمس نور جبينك ..!

وأتحدى بطون الأمهات أن تلد مثلك !

أنت الذي اخترت أن أكون عاشقتك .. وليس بيدي إلاّ أن أرضخ لإختيارك .

وها أنا على وشك أن أستنفذ كل حيلي لأخرجك من صمتك .. لأجعلك تعلن عن نفسك .. ولكنك ما زلت متردد .. ربما تخجل .. ربما ما زلت تفكر .. ربما خائف !!

ولكن .. ثق بأنني أتفهم خجلك وترددك وخوفك .. ولا أملك سوى أن أعدك بأن أكتم سرّك .. إذا ما قررت الإفصاح ..!!

اختي رندة
سلمت يمناك ع الموضوع الشيق والجميل
ومشكورة جزيل الشكر مني ومن الاعضاء التانين
وبكل ودي واحترامي اختك في الله
soozeegirl

» ترحيب بالسيد شبيه الريح المحترم